الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة فضاء التياترو يسائل مظاهر التدين في تونس

نشر في  28 نوفمبر 2017  (12:26)

بقلم: أنور الطرابلسي

 "المعرفة المعرفة" هذا هو عنوان تظاهرة جديدة يحتضنها فضاء التياترو. كل ثالث ثلاثاء من كل شهر: من نوفمبر 2017 إلى جوان 2018، تتلاقح الأفكار وتتفاعل المدارس حول مسائل وإشكاليات على علاقة بالشأن الديني.

الملتقى الشهري يؤثثه كل مرة وجه من وجوه النخبة المثقفة الجامعية خاصة، أسماء عُرفت بجديتها ونزاهتها العلمية عدى كونها مستنيرة وحداثية.

التظاهرة، التي تنظمها جمعية زنوبيا بالاشتراك مع جمعية معهد البحوث في الأديان، تستجيب لنداء اللحظة: "المعرفة المعرفة" إذ كثر في ربوعنا الكلام في العقيدة وغابت الدراية العليمة الناقدة و''قلّ فيها الدين".

 ألقُ الدرة الأولى في عقد التظاهرة الدورية ''المعرفة المعرفة'' شغلته يدا الجامعي وحيد السعفي المشرف العلمي على "أيام التياترو العقائدية". محاضرة فيها من الشاعرية الكثير تحمل عنوان: في الشأن الديني. التأم اللقاء أواخر شهر نوفمبر الماضي وجمع جمهورا ليس بالهين، معدل الأعمار خمسيني رغم حرص المنظمين على استقدام الشباب وخاصة من الطلبة.

نشّط الملتقى الصحفي زياد كريشان الذي لم يخف إعجابه بأن يستهل التظاهرة مؤلف كتاب "العجيب والغريب في كتب تفسير القرآن" الصادر سنة 2001 وهو في الأصل أطروحة دكتوراه. فتح المنشط باب النقاش للحاضرين وكان النقاش ثريا ومتزنا بعيدا عن الصخب المعتاد في مثل هذه المواضيع ما عدى استثناء يتيم لمتدخل شجب لدى المحاضر ما اعتبره استهزاء بالدين بل ازدراء له.

تقول مطوية الأمسية والكلام لوحيد السعفي : "إذا كانت تونس مُتجذّرةً في التاريخ فهي مُتجذّرةٌ في الدين أيضاً، تَشهدُ على ذلك مَعابدُها وبِيَعُها وكَنائسُها ومساجدُها التي قامت على مرّ العصور تُحدّث بالاختلاف وتَشهدُ على ذلك مظاهر التديُّنِ التي تُحدّثُ فيها اليومَ بالتنوّع.

وسعياً إلى رصد هذا الاختلاف وهذا التنوّع، ينظّم معهد البحوث في الأديان و جمعية زنوبيا سلسلة من المحاضرات حول الأديان والمذاهب في تونس قصدَ التعريف بها والتأريخ لها وتقديم أهمّ مميّزاتها وشعائرها".

لقاء أثبت حيوية المجتمع المدني في تونس وتمسكه بأن يبقى فاعلا لا يهاب المواضيع المحظورة. مجتمع مدني خلناه فتر وتخلى عن دوره كمنارة تضيء مكنونات الفرد التونسي والجماعة. ها هو عبْرَ مثالي جمعية زنوبيا ومعهد البحوث في الأديان ومن ناصرهما (مؤسسة هاينريش بول ستيفتونغ الالمانية واذاعة شمس اف ام والبنك العربي لتونس) يقول انه باقٍ رأس حربة في وجه التطرف الديني والتيارات الجامدة المستوردة من صحاري الفكر. الموعد القادم تضربه زينب فرحات مع روّاد التياترو يوم 19 ديسمبر 2017 ويؤمنه المفكر عبد المجيد الشرفي الذي سيطرح قراءته لخصوصيات إسلام تونس.

 زنوبيا : الإبداع في خدمة التنمية والمواطنة

الجمعية التي بادرت بتنظيم هذا اللقاء الفكري هي جمعية زنوبيا وهدفها النهوض بالمشاريع الثقافية والاقتصادية في جميع المجالات من خلال الفن والإبداع والابتكار المتعلقة بجميع  فئات المجتمع خاصة منها النهوض بوضع المرأة الاقتصادي إلى جانب تعزيز وتثبيت الشبكة الوطنية العربية والاورومتوسطية والعالمية للتنمية المستدامة وترجمتها لتعبيرات فنية ربحية.

تعمل الجمعية على تحقيق ذلك بالقيام بدراسات وبحوث وتنظيم ندوات وورشات تساهم في بعث استراتيجيات وفرص جديدة للنهضة الثقافية والاقتصادية لجميع فئات المجتمع وخاصة المرأة. كما تقوم بتصور وإنتاج وترويج المشاريع التي لها علاقة بموضوع الجمعية في مجالات الفنون والمشاريع الناهضة بالمرأة في جميع ضروب الفنّ.

تأسست جمعية زنوبيا في 23 نوفمبر 2014 وهي تحمل اسم الملكة التاريخية التي حكمت تدمر (في سوريا اليوم) ومن خصالها الصمود والثبات على المبدإ... تترأسها الوسيطة الثقافية والمناضلة النسوية زينب فرحات ومن بين العضوات المؤسسات : الإعلامية ريم السعيدي والفنانة التشكيلية نبراس الشرفي.

ومن أهم الانشطة التي اقدت على إقامتها الجمعية مشروع "الكريطة'' الذي شهدته قرية الشرف من معتمدية الهوارية المعروفة بزيتونتها الهرمة (2500 سنة). كان ذلك في شهر ديسمبر 2015. المشروع يقوم على التجميع والتدوير والرسكلة الإبداعية ما يعني مزجا طريفا بين البعدين البيئي والفني. وهو مشروع انبنى على معطيات ميدانية تهم حياة الأطفال في الارياف وظروف تمدرسهم.

قامت الجمعية بتأهيل وتهيئة مدرسة المكان ونظمت بمعية أخصائي نفسي ورشات للرسم وأهم نشاط أنجزته الجمعية هو شراء "كريطة" قديمة وتجديدها وتزويقها فتم تحويلها إلى وسيلة نقل آمنة يمكنها أن تقلّ ثمانية تلاميذ مع محفظاتهم الثقيلة. وتطلب ذلك شراء بغلة والعناية بها لتجرّ العربة… حلّ فريد من نوعه لعناء التنقل في الأرياف في سبيل المعرفة.